السجل الطبي

يمارس البشر الطب منذ آلاف السنين. وفي حين أن الأطباء في الماضي اعتادوا توثيق نظرياتهم وحالاتهم وملاحظاتهم على نطاقٍ واسع، إلا أن السجل الطبي الفردي كما نعرفه اليوم هو قيد الاستخدم منذ بضع مئاتٍ من السنين فقط. منذ الأيام الأولى لإنجلترا الحديثة، احتوت أفضل نماذج السجلات الطبية على اسم وتاريخ وشكوى المريض والتاريخ الطبي والتشخيص والعلاج المستخدم والتكلفة المدفوعة. وتفاوتت أحجام هذه السجلات بين كتيّبات جيبٍ صغيرة وملفاتٍ ضخمة.

ومع التطور الكبير الذي شهدته ممارسة الطب على مدى القرون الثلاثة الماضية تطور كذلك السجل الطبي. ويتألف السجل الطبي المعاصر عادةً من بيانات المريض الأساسية والمعلومات الديموغرافية، والتاريخ الطبي، والأدوية ومعلومات الحساسية، واللقاحات، ونتائج الفحوصات المخبرية، وصور الأشعة، والمؤشرات الحيوية، والإحصاءات الشخصية، ومعلومات الفواتير. وهو يقدم بذلك معلوماتٍ أساسيةً وضروريةً لتوفير رعاية عالية الجودة للمرضى. كما أن السجل الطبي الحديث أصبح يتحوّل إلى الهيئة الإلكترونية بشكلٍ متسارع مع ظهور برمجيات السجلات الطبية الإلكترونية وانتشارها على نطاقٍ واسع، مما سهَّل تقديم رعايةٍ أفضل وحماية بيانات المرضى وتقليل أوقات المعالجة وضبط الإخطارات والتنبيهات، واكتساب الرؤى وإجراء التحليلات.

المريض

على الرغم من الإمكانات الهائلة التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات في القطاع الصحي والتطورات التي شهدتها برمجيات السجلات الطبية الإلكترونية، إلا أن التقدم الذي تم إحرازه نحو إمكانية نقل وتبادل السجل الطبي بين مؤسسات الرعاية الصحية يبقى متواضعاً. هناك إجماعٌ حول أهمية تطبيق نظامٍ موحّدٍ للسجلات الطبية. ويشار إلى الكتلة الطولية من المعلومات الصحية الإلكترونية حول المرضى من الأفراد والسكان بشكل عام بمصطلح السجلات الصحية الإلكترونية، وتتضمن بعض مزايا السجلات الصحية الإلكترونية الموحّدة على مستوى الدولة أو العالم ما يلي:

  • تحسين خدمات الرعاية الصحية من خلال تسهيل حركة المرضى بين مقدمي خدمات الرعاية الصحية، والحد من التكرار، وتقليل الوقت المطلوب للتسجيل.
  • جمع بيانات مجهولة الهوية على المستوى الكلي واكتساب رؤى مبنية على البيانات (البيانات الضخمة والتعلم الآلي والتحليلات)، والتي يمكن أن تساعد في مختلف جوانب الصحة العامة مثل منع العدوى، وفهم العوامل الوراثية، والتنبؤ بتفشي الأمراض والسيطرة عليها، والتخطيط للتوافر والإمكانات، وفرض أفضل الممارسات وأبحاث الأدوية الجديدة وحتى تجنب عمليات الاحتيال على التأمين الطبي.

لكن هناك العديد من التحدّيات التي يجب التغلب عليها لتمهيد الطريق لاعتماد السجل الطبي الموحّد، بما في ذلك هياكل البيانات غير القياسية (البيانات الوصفية للسجلات الطبية، الرسوم البيانية، النماذج، التصنيف، النطاقات المرجعية، اللغة، إلخ) التي تجعل التشغيل البيني للبيانات والمقارنة صعبة للغاية، هذا بالإضافة إلى المخاوف حول الخصوصية، والافتقار إلى سلطة مركزية وفرض التطبيق على المستوى الوطني أو الدولي.

التطبيق

حققت العديد من دول العالم الأول قدراً كبيراً من النجاح في إطلاق مثل هذه المبادرات. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، كما هو الحال في أستراليا والمملكة المتحدة، يشهد نموذج السجل الصحي الإلكتروني الأولي تطوراً على المستوى الوطني. إلى يومنا هذا، ركزت المنظمة الدولية للهجرة واللجنة الوطنية للإحصاءات الحيوية والصحية في المقام الأول على الجوانب التقنية لتطبيق السجلات الصحية الإلكترونية في الولايات المتحدة. وحدد كلاهما عنصرين أساسيين في المشروع: الأول هو بناء بنية تحتية وطنية للمعلومات الصحية، والثاني هو إتاحة إمكانية التشغيل البيني وقابلية المقارنة لبيانات سلامة المرضى. ومن أجل تحقيق قابلية التشغيل البيني للبيانات وقابلية مقارنتها، أوصت اللجنة الوطنية للإحصاءات الحيوية والصحية والمنظمة الدولية للهجرة باعتماد المصطلحات الأساسية القياسية للسجلات الصحية الإلكترونية (على سبيل المثال:آي سي دي 9 كرمز للأمراض أو الأعراض، سي بي تي 4 للإجراءات والخدمات الطبية، و آر إكس نورم لأسماء الأدوية والجرعات). كما أن هناك تطورات كبيرة جارية لتوحيد تصنيف الأحداث (على سبيل المثال، الإبلاغ عن الأعراض الجانبية أو الحوادث الوشيكة باستخدام تصنيف سنوميد سي تي المطور من قبل كلية علماء الأمراض الأمريكية) والتعبير عن تمثيل المعرفة مثل إرشادات الممارسة السريرية.

أما على مستوى الشرق الأوسط، كانت دبي أول من أطلق مثل هذه المبادرة عبر هيئة الصحة بدبي التي أعلنت في فبراير الماضي عن التطوير المستمر وتقديم نظام فريد للسجلات الطبية والصحية سيدمج كل منشآت الرعاية الصحية العامة والخاصة في دبي والبالغ عددها 2770 من أجل إتاحة ملف إلكتروني واحد لكل مقيم في الإمارة. وسيتم ربط النظام في نهاية المطاف بالسجل الطبي الوطني الموحّد الذي ستدشنه وزارة الصحة ووقاية المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة. وسيقوم السجل الطبي الإلكتروني أو “نظام سلامة الشامل” كما يشار إليه، بإنشاء سجل إلكتروني واحد لكل مريض في جميع مستشفيات الصحة العامة ومراكز الصحة الأولية وغيرها من المرافق، في حين أن السجل الصحي الإلكتروني أو “نظام نابض” كما يشار إليه، سيعمل على توسيع هذا السجل الطبي ليشمل كل المستشفيات الخاصة، ودمج السجلات الطبية للمرضى.

سيقوم نظام نابض (تكامل التحليلات الوطنية والعمود الفقري لصحة دبي)، بتوليد بيانات صحية ضخمة سيتم استخدامها كأداة تحليلية في إدارة الأزمات، والسيطرة على تفشي الأمراض، كما تلعب دوراً في  إيصال الرعاية الصحية الوقائية.

إدارة المعلومات الصحية

في شركة إن في إس سوفت، تندرج أولوية السجل الطبي الموحّد في صميم خريطة طريق منتجنا لنظام إدارة المعلومات الصحية المطوّر من قبلنا: ميدلوجيك. واعتباراً من إصداره الحالي، يقوم نظام ميدلوجيك بالفعل بدمج العديد من العناصر التي تساعد في اعتماد السجلات الصحية الإلكترونية الموحّدة، مثل:

  • إتاحة إمكانية وضع مخطط موحّد لكل مريض على مستوى مقدمي الرعاية الصحية المختلفين.
  • دعم معيار التصوير الرقمي والاتصالات في الطب دايكوم للصور غير المنظمة الذي يتيح إجراء التحليلات المستندة إلى الصور على المستوى الكلي.
  • استخدام معيار إكس إم إل لدمج وربط أنظمتها الفرعية وكذلك الأنظمة الخارجية في بيئة متعددة الطبقات.
  • إمكانية الربط مع أجهزة وأنظمة طبية خارجية عبر بروتوكول هتش إل 7 المعياري.
  • دعم ترميز آي سي دي 10 للتشخيصات والإجراءات الطبية، سواءً كانت يدوية أو آلية.
  • دعم المتطلبات القياسية للجنة الدولية المشتركة فيما يتعلق بالسجلات الطبية.
  • توفير تطبيقات لنظامي آي أو إس والأندرويد.

كما أننا نحرص باستمرار على متابعة آخر المستجدات والتطورات في هذا المجال للتأكد من أن التكنولوجيا التي نقدمها تدعم بشكلٍ تام اعتماد سجل صحي إلكتروني موحّد وقابل للنقل عبر مؤسسات الرعاية الصحية المختلفة، إلى جانب مهمتنا المتمثلة في مساعدة المستشفيات على أن تصبح بيئات خالية تماماً من الورق.